سوف تُذكر دائمًا من أجل تدخُّلٍ جريءٍ فريد لدى مَلِك خطير. الجميع تروقُهم قِصَصُ تغيُّر الحال: من الفقر إلى الغنى، من القُبح إلى الجمال، من الضَّعف إلى القوَّة. وقصَّةُ أستير هي من هذا النوع، إلاَّ أنَّها أكثرُ بكثير. إنَّها دراسةٌ تحفّز الفكر ليد الله العاملة في الخفاء، إذ تكتب بصمتٍ دون أن تُرى على صفحات التاريخ البشريّ. وربَّما كانت قصَّةُ أستير، أكثرَ كلِّ شيء، قصَّةَ مزايا من عند الله، كالشجاعةِ والكرامة والحكمة والقوَّة، عرقلَت مكيدةً شرِّيرة وأطاحت قاتلاً متكبِّرًا، وأحلَّت الفرح محلَّ الرُّعب في آلافٍ من بيوت المؤمنين. يحبُكُ المؤلِّف تشارلز سويندول قصَّة قديمة من واقع الحياة بتبصُّراتٍ لا تتوقَّف عند فضائل الملكة أستير، بل تتحرَّى أيضًا كيف يمكن أن تكون لنا تلك الصِّفات التي كوَّنت أستير وقَوَّتها. وسنتبيَّن العمليَّة الواقعيَّة التي لا بدَّ أن تكون أستير قد اجتازت فيها إذ أعدَّت نفسها لظهورها في قاعة عرش الملك ظهورَ حياةٍ أو موت. ثمَّ إنَّنا نستمتع بمشاهدة أُفولِ نجم هامان الماكِر والقاسي، إذ مات عالقًا في الفخِّ الذي نصبه لغيره، شأنُه شأنُ كثيرين من الأوغاد المذكورين في الكتاب المقدَّس. أستير هو الثالث في سلسلة بقلم تشارلز سويندول لاقت رواجًا مُميَّزًا، تستكشف سِيَرَ شخصيّاتٍ عظيمةً من الكتاب المقدَّس، وتُبيِّن مواطن القوَّة والضَّعف التي جعلت أُناس الله، رجالاً ونساءً على السواء، عُظَماءَ... وإن كانوا بشريِّين. فإنَّ كثيرين من أحبِّ أبطال الكتاب المقدَّس كانوا قومًا عاديِّين، رُعيانًا، صيَّادي سمك، خُدَّامًا، أرامل بل زوانيَ ولُصوصًا مُحتقَرين. وهؤلاء، واحدًا إثرَ واحد، غيَّروا مجرى التاريخ. يوضح سويندول أنَّ هؤلاء الرجال والنِّساء لم يصيروا عُظماء بقوَّتهم الشخصيَّة، بل أمدَّهم الله بالقوَّة لما أخضعوا له حياتهم. فأن نعيش حياةً كهذه يعتبرها الله عظيمةً، أو رائعة، أمرٌ في مُتناوَل كلِّ من يخضع له حقًّا.