ISBN: 9786144601037
إنَّ الاحْتِيَاجَ إلى دِرَاسَةٍ أكَادِيمِيَّةٍ مُنَظَّمَةٍ في مَجَالِ فَلْسَفَةِ الدِّينِ قَدْ ازْدَادَ في العَالَمِ العَرَبِيّ في العَقْدِ الأخِيرِ. يَظْهَرُ هَذَا الاحْتِيَاجُ في الأسْئِلَةِ المُتَصَاعِدَةِ حَوْلَ صِحَّةِ الاعْتِقَادِ في وُجُودِ إلَهٍ، والمُعْتَقَدَات المُرْتَبِطَة بِهَذَا المُعْتَقَدِ الرَئِيسِيّ. لَمْ يَتَوَقَّع/تَتَوَقَّع الكَثِيرُونَ/الكَثِيرَاتُ مُنْذُ فَتْرَةٍ أنْ يَظْهَرَ سُؤالُ الإلْحَادِ في سِيَاقِ الشَرْقِ الأوْسَطِ الَّذِي تُعْرَفُ شُعُوبُهُ بِتَدَيُّنِهَا. فَفِي المَاضِي القَرِيبِ، كَانَتْ قَاعَاتُ كُلِّيَّاتِ الفَلْسَفَةِ مَكَانَ مُنَاقَشَاتِ أسْئِلَةِ فَلْسَفَةِ الدِّينِ، وكَانَتْ مِحْوَرَ المُنَاقَشَاتِ فِكْرَةٌ ظَهَرَتْ فِي المَاضِي في مَكَانٍ آخَرَ بَعِيدٍ عَنْ واقِعِنَا المَلْمُوس. أمَّا الآنَ فَتَنْتَشِرُ هَذِهِ المُنَاقَشَاتُ بَيْنَ النّاسِ على مُخْتَلِفِ أطْيَافِهَم في مُخْتَلِفِ الأمَاكِنَ. فَنَرَى أنَّ هذه المُنَاقَشَاتِ تَدُورُ في المَنَازِلَ، وقَدْ غَزَتْ وَسَائِلَ التَوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيّ، كَمَا أنَّ تَنَاوُلَهَا في الصُحُفِ صَارَ أمْرًا عَادِيًّا. لِذَا بَدَأ بَعْضُ المُفَكِّرِينَ شَرْقِ الأوْسَطِيِّينَ فِي تَنَاوُلِ قَضِيَّةِ الإلْحَادِ من أجل مُحَاوَلَةِ مُسَاعَدَةِ النَاسِ عَلَى التَفْكِيرِ في الأمْرِ. كَمَا ازْدَادَ في الدّوَائِر الكَنَسِيَّةِ سَعْيُ الكَثِيرِين/الكَثِيرَات لِلْوُصُولِ إلى كَيْفِيَّةٍ مَنْطِقِيَّةٍ لِفَهْمِ العَقَائِد الأسَاسِيَّة في الإيمَانِ المَسِيحِيّ، فَبَدَأ ظُهُورُ التَنَاوُلِ الأكَادِيمِيّ لِلمَوْضُوعِ بِوَاسِطَة مُفَكِّرِين شَرْقِ أوْسَطِيِّينَ قَدَّمُوا تَحْلِيلًا وتَقْيِيمًا للأمْرِ مِنْ مَنْظُورٍ نَفْسِيٍّ. كَمَا تَمَّتْ تَرْجَمَةُ كُتُبٍ غَرْبِيَّةٍ تَتَنَاوَلُ قَضِيَّةَ الإلْحَادِ في أبْعَادِهَا المُخْتَلِفَة. وتَتَّفِقُ هذه الدّلائِلُ مَنْطِقِيًّا مع إحْصَائِيَّةٍ أُجْرِيَتْ في عَامِ ٢٠١٠ عَنْ الكَنَائِسِ الإنْجِيلِيَّة المَشْيَخِيَّةِ في مِصْرَ. وتَقُولُ هذه الإحْصَائِيَّةُ إنَّ عَدَدَ مُرْتَادِي الكَنَائِس يُمَثِّلُ حَوَالِي ٨,٥٪ مِنْ عَدَدِ الإنْجِيلِيِّين المَشْيَخِيِّين الكُلِّيّ المُتَعَارَف عَلَيْه. وهُنَاكَ بِالضَرُورَةِ عَوَامِلُ أُخْرَى (اجْتِمَاعِيَّة واقْتِصَادِيَّة ودِيمُوجْرَافِيَّة، إلخ) وَرَاءَ ضَآلَةِ هَذِه النِّسْبَةِ. لَكِنَّه مِنَ المَنْطِقِيّ أنْ نَقُولَ إنَّ ظَاهِرَةَ الإلْحَادِ تُشَارِكُ بِنَصِيبٍ مُعْتَبَرٍ في أسْبَابِ هَذِهِ الضَآلَةِ. ويُعتَبَرُ الكِتَابُ الحَالِيّ مَدْخَلًا فَلْسَفِيًّا أكَادِيمِيًّا لِمُنَاقَشَةِ قَضِيَّةِ الإلْحَادِ والأسْئِلَةِ الفِكْرِيَّة والوُجُودِيَّة الأكثر أهميَّة المُرْتَبِطَة بها.